إن موقف اللّائكية في الغرب من الدين، ليس هو موقف من يدعي اللاّئكية من أبناء جلدتنا حكاما ونخبا، بحيثيضطهدون الدين ومظاهره ويحاربونه، بدل أن يوظفوه توظيفا سليما للبناء، ويمكنوا له من حقه في المشاركة الديمقراطية للوصول إلى صناعة القرار. بالمقابل نجد الغرب لا يمنع ذلك، بل بداخله أحزاب مسيحية تصل إلى الحكم بشكل ديمقراطي (على غرار الحزب الديمقراطي المسيحي في ألمانيا )، وتعيد صياغة بعض القضايا من منظور ديني بالرغم من أنها لا تمس جوهر العلمانية. إن العلاقة بين العلمانية في الغرب وبين الدينليست علاقة تناف: فهذا حدث تاريخي انتهى بتصفية الهيمنة المسيحية الكنسية الكهنوتية على الإنسان الغربي
اللائكية التي يُدعى إليها في بلادنا هي لائكية متوحّشة منافقة لا تتردّد في اعتماد الطرق المشروعة و غيرالمشروعة لشيطنة الإسلاميين .. بل لا تجد ضيرا في الكذب عليهم من أجل نصرة أفكارها .
لأجل ذلك لا أستطيع أن أثق في دعاة اللائكية في تونس .. لا أرى في ممارساتهم ما يؤكّد حسن نواياهم و ما يطمئنني على حرّيتي في ممارسة شعائر ديني إذا ما آل أمر البلاد إليهم ؟ أنا أبني مخاوفي على ما أسمع و ما أرى و لا أحكم عبثا على النّوايا
أليس نفاقا أن أستميت في الدّفاع عن حقّ نادية الفاني في سبّ الرّب و أن أرفض في الآن ذاته أن يُنتقد بورقيبة ؟أليس نفاقا أنأبرّر تعنيف الفنّان عاطف بن حسين و أن أنبذ في الآن ذاته العنف اللي صار في آفريكا آرت ؟
عاطف بن حسين عبّر على رأيه في بورقيبة و كيف مشا للمنستير كلا طريحة من قبل البورقيبيين .. أنا مع أي مسيرة ضدّ العنف ..لكن علاش ما صارتش مسيرة مماثلة وقتها ؟؟ علاش العنف اللي صار في المنستير .. ما عملش زخم إعلامي كيما العنف اللي صار في الأفريك آرت ..أليس نفاقا أن أؤكّد على ضرورة عدم التّدخّل في الحياة الفردية لأي شخص و أن أناضل من أجل حقّ المرأة في التّعرّي من جهة .. و أن أنتقد الحجاب و أصف مرتديته بالرّجعيّة من جهة أخرى ؟؟
يقولون نحن نخاف من خطر فرض قراءة ضيّقة للدّين الإسلامي .. لماذا الخوف ؟ لا يوجد طرف سياسي مرخّص له يدّعي أنّه الدّين .. لم أسمع طرف سياسي يقول أنا سأطبّق الشّريعة .. و هذا ما يخيفهم في الحقيقة
هناك خوف من الشّريعة الإسلامية التي لم يناد أيّ طرف مرخّص له بتطبيقها .. هناك خوف من الدّين .. إذا كلّ حاجة ما تعجبنيش في الإسلام نقول عليها قراءة فردية مضيّقة لا تلزمني بش يولّي الإسلام مجموعة من القراءات .. بل سيصبح لكلّ تونسي إسلامه الخاصّ .. هنا مانيش نلوم على حدّ كل واحد حر في اعتقاده .. لكن أحذّر من طمس أسس الإسلام و اعتبارها قراءات هي الأخرى
أحبّ أن تبقى تونس دولة مسلمة .. تحفظ كرامة و حقوق التّونسي .. سواء أ كان مسلما أو كان منالأقلّيات الفكرية و العقدية الأخرى .. أريد أن يكون قدر الإسلام عاليا في بلدي .. أريد لجامع الزّيتونة أن يشعّ من جديد و يعود كما كان منارة إسلامية يفتخر بها و يعتز به كلّ مسلم في العالم